القائمة الرئيسية

الصفحات

تحليل مقال فلسفي حول الانظمة السياسية طريقة جدلية

تحليل مقال فلسفي حول الانظمة السياسية




الطريقة :الطريقة : الجدلية
طرح الإشكالية :
إن الاستقراء التاريخي يؤكد بأن الإنسان انتقل عبر العصور التاريخية من المجتمع الطبيعي (البدائي) حيث كان يتصف بالفوضى وعدم الاستقرار لغياب القوانين التي تنظم العلاقات بين الأفراد إلى المجتمع السياسي لأنه "حيوان سياسي بطبعه" حسب تعبير أرسطو حيث أنشأ ما يعرف بالدولة وهي في الاصطلاح السياسي تعي جماعة من الناس تسکن علی آرض و تخضع لنظام سیاسی واحد وتتمیز بالسيادة والشخصية المعنوية، وتقوم على عدة أركان أهمها: الشعب وهو المجموعة البشرية التي تعيش تحت سلطة الدولة، وتتمتع يجنسيتها، والإقليم الجغرافي وهو المجال الحيوي الذي يستقر عليه الشعب، والسيادة وهي نوعان سيادة داخلية فهي السلطة العليا للدولة على الأفراد وسيادة خارجية تعبر عن الاستقلال الذاتي في قراراتها، وأخيرا النظام السياسي الذي ينقسم إلى قسمين نظام الحكم الفردي ونظام الحكم الجماعي، هذا ما اختلف فيه الفلاسفة وعلماء السياسة، فبعضهم يرى أفضل نظام سیاسي هو نظام الحكم الفردي المطلق وبالتالي فالدولة تستمد سلطتها م إرادة متعالية أو من إرادة الحاكم، أما البعض الأخر فيعتقد أن الحاكم يستمد سلطته من إرادة الشعب، وبالتالي فإن أفضل نظام حکم هو النظام القائم علی اسس جماعية بالحکم الديمقراطي، لهذا نتساءل ماهو النظام الأصلح لتحقيق سعادة المجتمع ؟ هل هو نظام الحكم الفردي أم نظام الحكم الجماعي ؟ .
محاولة حل الإشكالية :
الأطروحة :
يرى أنصار هذه الأطروحة وخاصة "روسو وهنري ميشال" و"كيلسون" بأن الحاكم يستمد سلطته من إرادة الشعب، وهو نظام الحكم الجماعي الذي تتركز فيه السلطة في يد الشعب لأنه صاحب السيادة ومصدر شرعية الحكم، لأن الديمقراطية تقوم على السيادة والحرية والمساواة، فالسيد الحقيقي في الحكم الديمقراطي هو الشعب، حيث أن القوانين الموضوعة من طرف الدولة يخضع لها الشعب والحاكم معا، أما الحرية فتعني طاعة الفرد للقانون الذي هو في نفس الوقت خضوع لإرادته في حين أن المساواة تعد مشروعة
وقد انطلقوا من مسلمات وهي: " الديمقراطية تعبير عن إرادة الشعب وبالتالي فالحكم الديمقراطي هو أفضل نظام سياسي لأنه يحقق التقدم للدول والرفاهية للشعوب، وليس الحكم الفردي المطلق.
وقد برهنوا على هذه المسلمات بحجج وبراهين أهمها :
الديمقراطية المباشرة: وهي نظام حکم جماعی ظهر عند اليونان، وتعني أن يشترك أكبر عدد ممكن من الأفراد في شؤون الحكم دون وساطة النواب، وقد شهدت المدن الإغريقية القديمة ديمقراطية مباشرة كان المواطنون فيها هم الذين يرسمون سياسة الدولة، بفضل الإصلاحات التي أدخلت علی الحکم الأرستقراطي (حکم النخبة) وهذا عن طريق المساواة بين جميع المواطنين ولهم السيادة أثناء حضورهم المجلس والمشارکة في المداولة واتخاذ القرارات.
الديمقراطية النيابية (التمثيلية): وتقوم على أساس أن الشعب مدة معينة، وبالتالي فهو يمثل إرادة الشعب ويعبر عن رغباته، ويختلف مفهوم الديمقراطية باختلاف الأنظمة السياسية حيث . :تنقسم إلى نوعين وهما :
أ) الديمقراطية الليبرالية (السياسية) : لقد ظهر نظام الحكم الليبرالي في العصر الحديث، مستلهما مبادئه من نظرية العقد الاجتماعي ونظرية الاقتصاد الحر، وهذا امتداد للزعة الفردية التي تعترف بالحقوق والحريات الطبيعية للأفراد. و هکذا تبلور الحکم الليبرالي في نظرية سياسية قائمة بذاتها وتجمع بين الديمقراطية والليبرالية. و يقوم هذا النظام على أساس الديمقراطية السياسية التي تهدف إلى تحقيق حرية الأفراد في المجتمع وهذا ما أكده "هانري ميشال" في قوله: "إن الغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية" فالليبرالية تطالب بالحرية بأشكالها المختلفة وعدم الخضوع ما عدا لسلطة القانون حيث يقول أحد الفلاسفة "الحرية تعني... أن يكون الشخص مستقلا عن كل شيء ما عدا القانون". و تقوم هذه الديمقراطية على حريات عمومية وهي :
* الحرية الفكرية: فهي تمجد الفرد في مجال الفكر فتعطي له الحرية الكاملة والحق في أن يعبر عن اعتقاداته وآرائه، وأن يكون الجمعيات، ويتدين بالدين الذي يريد، وألا تعيقه الحكومة في الدفاع عن اعتقاداته.
* الحرية الاقتصادية : فالدولة الليبرالية تعترف بحرية الأفراد في المجال الاقتصادي، مثل حرية التملك، حرية التجارة والمنافسة الحرة.
* الحرية السياسية: حيث نقلت حرية المستهلك (الحرية الاقتصادية) من مجال الاقتصاد إلى مجال السياسة في قول أحد المفكرين: "كلما تصورت أيضا نظاما سياسيا يقوم على حرية الاختيار بين الأحزاب والاتجاهات السياسية" وتتمثل هذه الحريات (السياسية) في حرية الأفراد في تكوين الأحزاب (التعددية الحزبية، حرية المعارضة، حرية التظاهر، حرية الإعلام والصحافة...) وعن طريقها يشارك الفرد في توجيه الحياة العامة للدولة بواسطة الانتخابات فیختار عمحضی ارادته من عثله و الحکم، وهذا یدل علی أن الدولة الليبرالية انشقت من إرادة الشعب ومهمتها تتمثل في توفير الشروط التي تحمي حرية الأفراد، ولا تتدخل قي المجالين الاجتماعي والاقتصادي. ولقد طبق هذا النظام في دول أوربا الغربية وأمريكا، حيث اشتهرت هذه المجتمعات بالتعددية الحزبية وممارسة الحقوق السياسية.
ب) الديمقراطية الاشتراكية (الاجتماعية): وهي نظام حكم جماعي يعبر عن إرادة الشعب ذو أبعاد اجتماعية أساسية هدفه خلق يحتمع متعاون، وهذا عن طريق الديمقراطية الاجتماعية التي ترمي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك عن طريق المساواۃ بینن جمیع افراد اختمع وهذا ما نادی به الفیلسوف الالماني " کارل مارکس" (1818-1883م. وتقوم هذه الديمقراطية على مبادى أهمها:
* تكافؤ الفرص: لأن الديمقراطية الاشتراکیة قدف إلى ضمان مصلحة الشعب، ولکي تتحقق العدالة الاجتماعية لابد من تكافر الفرص أي المساواة بين جميع الأفراد، كديمقراطية التعليم والعلاج المجاني والسكن الاجتماعي، وذلك لتحقيق مبدأ "من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته" وبالتالي سوف يتساوى الطبيب والفلاح والمعلم والفنان والعامل، إذ لا توجد تفرقة على أساس نوعية العمل.
* محاربة الاستغلال: وذلك بتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية من أجل تأميم وسائل الإنتاج ومختلف المرافق المالية والاقتصادية، للقضاء علی التفاوت الطبقي ومحو الفوارق الاجتماعية بين الناس، وإزالة الفقر والبؤس عن الطبقة العامة التي هي مصدر الإنتاج والثروة في المجتمع ويقول "إنجلز" 1820–1895 "تستحوذ البروليتاريا على سلطة الدولة وتحول وسائل الإنتاج إلى ملكية الدولة، وعندما يتحقق هذا العمل ينتهي التمایز و الصراع الطبقي كما تنتهي الدولة" أي أن المهم بالنسبة للدولة الاشتراكية ليس تسجيل حقوق المواطنين (السياسية) في الدساتير، وإنما رفع المستوى المادي والفکري لهم.
* تعتمد على الحزب الواحد: فالدولة الاشتراكية إطار ملائم للتعبير عن إرادة الجماهير وتحقيق طموحاقم السياسية داخل جهاز الحزب الواحد، وليس هناك بحال للمنافسة السياسية لأن مجال الانتخاب في هذه الديمقراطية متعدد، فهو لا يقتصر على انتخاب نواب البلدية أو البرلمان، بل يمتد إلى انتخاب نواب اللجان الشعبية ومجالس الإدارة في المؤسسات الاقتصادية وبهذه الطريقة يشارك الشعب في تسيير شؤون الدولة وبالتالي يعبر عن إرادته .
نقد : لکن موقف هؤلاء ینطوی علی نقائص وهي"إنَّ الديمقراطية هي من أصعب النظم تحقيقاً", فالواقع يثبت لنا أنّه لا وجود لديمقراطية حقيقية , فالنظم الديمقراطي مثالي يصعب تحقيقه على أرض الواقع, الديمقراطية تظل شعارات مزيفة مثالية لا وجود لها في العالم.كما أن الديمقراطية الاشتراكية تمارس ضغوطات على الحريات الفردية في الإعلام و الصحافة...كما أن الديمقراطية اللليبيرالية تعمل لصالح طبقة فقط .
نقيض الأطروحة :
يرى أنصار هذه الأطروحة " وخاصة "توماس هو بز" و "ماکس فیبر" الذین یرون بأن الحاکم یستمد سلطته من إرادته أو من إرادة متعالیة، ویسمی بالحکم المطلق، وهو من أقدم صور تسيير شؤون الدولة، ويمارس فيه السلطة شخص واحد حيث انطلقا بدورهما من مسلمات أهمها : أن الطبيعة الإنسانية البشرية تمتاز بالشر لذلك يقر هوبز بتنازل الشعب عن كل حقوقه للحاكم لأن في نظره لو تركنا تلك الحقوق للشعب سينقلبون يوما ما على الحاكم لطبيعتهم الشريرة,حيث يقول:" الإنسان بطبعه شرير",ويقول أيضا:" الإنسان ذئب لأخيه الإنسان", عكس جون جاك روسو الذي يقر بأن الإنسان ذو طبع خيِّر ويجب أن يتنازل فقط على حق السلطة للحاكم مقابل ضمان حقوقهم و حمايتهم, بينما يبقى يتمتع بكل الحقوق الأخرى,ومن هذا المنطلق يرى هوبز بأنَّ الأنظمة الاستبدادية هي الأنظمة الملائمة للطبيعة البشرية, يوافقه الرأي الفيلسوف الإيطالي ميكيافليي حيث يقول:" إنَّ ميل الإنسان للشر أكثر من ميله إلى الخير", و يقول أيضا" الغاية تبرر الوسيلة "في كتابه الأمير أي أنَّ
النظام الديکتاتوري (الاستبدادي): هو الأصلح لأنه يتميز بالقوة ومصدر السلطة والغلبة فيه للقوي فالحاكم فيه لا يفصل بين السلطات و لا يؤمن بحق الأغلبية في مناقشة الأحكام, حيث مدح ميكيافليي الحكام المستبدين لأنهم حافظوا على السلطة وحققوا أهدافهم السياسية دون اللجوء إلى القيم الأخلاقية أي أنَّ الغاية هي التي تبرر الوسيلة أي يستخدم الحاكم أي شيء ولو كان لاأخلاقيا للحفاظ على أهدافه السياسية, وفي هذا السياق نجد لويس الرابع عشر :"الدولة هي أنا و أنا هي الدولة", ولو استقرينا التاريخ لوجدنا أن الأنظمة الاستبدادية سنجد أن أغلب الحكام المستبدين استخدموا كل أنواع القهر و الظلم و التخويف في سبيل الوصول إلى السلطة ومن أكثر الأمثلة على ذلك الفاشية, النازية,موسيليني, هتلر, .... فالمواطن في هذا النظام ليس سوى آداه لخدمة الدولة, أما الحكم الملكي وهذا الأخير لا يختلف كثيراً عن الحكم الاستبدادي,وهو نوعان الحكم الملكي المقيد أي الذي يتميز بوجود برلمان و لكن في الأخير القرار هو بيد الملك, أما الملكي المطلق أي الوراثي فتنتقل فيه السلطة عبر أفراد السلطة بالوراثة, أما بالنسبة للحكم الثيوقراطي وهو أقدم أنواع الحكم الفردي حيث نجد أمثلة كثيرة عنها في التاريخ أي سيطرة رجال الدين على السلطة فنجد فرعون, رجال الكنيسة في العصور الوسطى أو ما يسمى ب" التفويض الإلهي و نقصد بها استغلال رجال الدين الدين في الأغراض السياسية فيدعون أنهم ضل الإله على الأرض أو هم أنصاف الآلهة...لاستغلال الشعب, وعليه فالحكم الفردي يمجد الفرد, و يلغي دور الجماعة , كما انه نظام لا يفصل بين السلطات الثلاث, كما أنَّه يلجأ إلى تطبيق القوة و العنف وقد برروا العنف الصادر عن الحكام أنَّه مجرد حماية الدولة من التشتت يقول في هذا الصدد ميكيافليي في كتابه الأمير :"إنَّ العنف الصادر عن الحكام مشروع لأنَّ الغاية حسبه تبرر الوسيلة", ويشاطره الرأي ماكس فيبر:"الدولة هي علاقة سيطرة قوامها العنف المشروع", لايعترف هذا الحكم ب التمثيل السياسي و التعددية الحزبية ولا النقابية ولا يعترف بالدساتير و القوانين .
نقد : لکن موقف هؤلاء ینطوی علی نقائص وهي: إن نظام الیکم الفردي المطلق لا يعبر عن إرادة الشعوب لأنه يعبر عن ارادة الفرد (الحاکم) فقط، و بالتالي فهو نظام حکم استبدادي وغير ديمقراطي لغياب الحريات السياسية كحرية الصحافة والإعلام وتكوين الأحزاب وحرية المعارضة والتظاهر.
* كما أن هذا النظام بأشكاله المختلفة (الديكتاتوري، الملكي،الديني) وسيلة لاستغلال الشعوب، وبالتالي فهو نظام حكم ظالم وجائر ولا يحقق العدالة الاجتماعية لأن هذا النوع من الحكم يمنح الحاكم سلطة مطلقة رحموني عمر ويضعه فوق القانون بدليل ما يحدث في وقتنا الحالي في الوطن العربي من ثوراث شعبية ضد الأنظمة الدیکتاتوریة و الملکیة من اجل الحصول علی حقوقهم السياسية، بعد أن كانوا مجبرون في جميع الظروف على الخضوع لإرادها خضوعا مطلقا. و من جهة أخرى فإن مصدر السلطة هنا ليس المحكومين (الشعب) وهذا ما يجعل الدولة تحيد عن الهدف الذي وجدت من أجله، وتصبح في خدمة الحاكم، لهذا يقول "جون لوك" "إذن فالغاية الكبرى الرئيسية من إتحاد الناس بعضهم مع بعض لتشكيل دول ووضع أنفسهم تحت سلطة الحكومة هي المحافظة على ما يمتلكون" فإذا لم تعد تقوم هذه الوظيفة فإن بقاءها لا يكون في صالح الشعب. وبالتالي فإن هذه النظرية السياسية مجرد أكذوبة أو خدعة خدع جها الحکام شعو هم لاستمالتهم ولتریر استبداد هم حیث آکد ابن خلدون: "أن هذا النوع من الحكم يرتكز على الاستبداد والقهر والتسلط وإشباع الشهوات وتسخير الرغبة إلى خدمة.
التركيب :
إن سلبيات الموقفين السابقين المتمثلة في أن الحكم الفردي يسيطر عليه الظلم و القهر , أما الحكم الجماعي فيسيطر عليه الأنانية والضغط هي التي أدت إلى ظهور موقف آخر و هو : نظام الحكم الإسلامي فهو أفضل نظام حكم سياسي لأنه يعبر عن إرادة الشعب في تسيير شؤون الأمة، وهذا عن طريق مبدأ الشورى في قوله تعالى: «وشاورهم في الأمر »، «وأمرهم شورى بينهم»، كما يعتمد على المساواة بين الناس من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية لقول الرسول (ص) : «الناس سواسية كأسنان المشط»، وقوله تعالى : «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل».رحموني عمر
لأن هذا المبدأ (الشورى ) الذي أقرت به الشريعة الإسلامية , كما أنَّ العلاقة بين الحاكم و المحكومين تُبنى على أساس الاحترام والثقة متبادلة.
- وأصح الأراء هو إن النظام السياسي الأمثل هو الذي يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و الأمن والاستقرار و رعاية المصالح الاقتصادية و السياسية ويبقى العدل هو الشرط الأساسي للحكم أي إعطاء كل ذي حق حقه.
حل المشكلة: وفي الأخير نستنتج أن أنظمة الحكم الفردية و الجماعية أنظمة نسبية نتائجها, يختلف فشلها أو نجاحها من مجتمع لآخر , ويبقى النظام السياسي الأمثل هو الذي يسعى لحماية الحريات الفردية و تحقيق العدالة الاجتماعية وأن يقوم على الأخلاق و العدل وهذا ما أقر به مبدأ الشورى في الإسلام
بالتوفيق