القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة الاخلاق جدلية والمرشحة بقوة لهذا العام

           المقالة الأولى والمرشحة لهذا العام
                    مقالة جدلية: الأخلاق



هل القيمة الخلقية مطلقة ثابتة ام انها نسبية متغيرة ؟
طرح المشكلة: يعتبر الإنسان الكائن الوحيد دون غيره من الكائنات الذي يقيم حياته على جملة من القيم والقواعد الاخلاقية والإشكال الذي اختلف حوله الأخلاق يتمثل في طبيعة هذه القيم الأخلاقية اذ يرى فريق من الفلاسفة ان الاخلاق ثابتة لا تتغير في حين يرى طرح اخر انها ثابتة ونسبية تتغير بتغير الظروف والاحوال
-فما هي المبررات التي يستعين بها كل اتجاه وما طبيعة القيمة الخلقية من ذلك كله ؟
محاولة حل المشكلة
عرض منطق الاطروحة: 
يرى فريق من الفلاسفة و المفكرين سواء كانو من العقلانيين امثال افلاطون او ديكارت او اصحاب الإتجاه الشرعي وديني مثل ابو الحسن الأشعري او ابن حازم الأندلسي ان القيمة الخلقية مطلقة وثابتة لاتتغير بتغير الزمان والمكان او بتبدل الظروف والأحوال فالخير قيمة اخلاقية ثابتة تمثل كل ماهو مستحسن وممدوح في الافعال والشر قيمة خلقية تمثل كل ماهو مستهجن ومذموم
المسلمات والحجج: وذلك لأن الاخلاق في نظر هؤلاء الفلاسفة قيم مستقلة عن واقع الإنسان المتغير فهي في نظرهم حقائق موضوعية يستمدها الانسان من عالم مفارق غير العالم الحسي وفي هذا الشأن يرى افلاطون ان القيم الخلقية مصدرها عالم متعالي هو عالم المثل وان النفس البشرية قبل ان تحل بالجسد كانت كانت تعرف هذه القيم الخلقية ونظرا لكون هذه القيم من مصدر متعالي عن العالم الحسي فلا يستطيع العقل استعادتها والتعرف عليها الا بالتجرد والارتقاء من العالم الحسي الى عالم المثل وفي هذا الشأن يميز افلاطون بين ثلاثة انواع من الفضائل والقيم حسب قدرة الإنسان على السمو والإرتقاء العقلي فأكبر قيمة خلقية تصلها الطبقة الشهوانية هي فضيلة العفة وارقى قيمة خلقية هي فضيلة الحكمة والتي لا يصلها الا الحكماء والفلاسفة وفي نفس المنوال يرى ديكارت ان في كل نفس بشرية ملكة فطرية تعرفه على معنى الخير والشر وهي ملكة العقل التي هي اعدل الأشياء قسمة بين الناس ويقول في ذلك "مثلما يمتلك الانسان حاسة للذوق يميز بها بين الحلو والمر يمتلك حاسة يميز بها بين الخير والشر وهي ضميره اي عقله"
وترى فرقة المعتزلة ان الإنسان يتعرف بفطرته على مدلول الخير والشر لأن في الخير خصائص موضوعية تدل على خيرته وفي الشر ايضا خصائص تدل على شريته
نقد ومناقشة:
لا يمكن ان ننكر اهمية العقل في قدرته على التمييز والمعرفة لكن مايعاب على هذه النظرية المثالية هي انها تنظر للأخلاق على انها قيم عقلية مجردة لا يصلها الانسان الا بالتأمل والإستقلال عن العالم الحسي وهي بهذا تفرض اخلاقا مثالية غريبة اذ من الصعوبة ان نتصور عالما مثاليا مجردا ونحن نعلم ان الإنسان يعيش في الواقع وسلوكاته تتأثر حتما بالواقع الذي يعيش فيه
ولوكان صحصحيحا ان مدلول الخير والشر واحد لدى كل الانسانيةلكانت كل العقول متفقة على مدلول الخير والشر وهذا مايكذبه الواقع فنحن نرى ان نفس السلوك تنظر اليه طائفة من البشر على انه خير في حين تراه طائفة اخرى على انه شر
عرض نقيض الأطروحة:
لذلك يرفض الكثير من الفلاسفة هذا الطرح المثلي والمجر للأخلاق ولا يعترف هؤلاء الفلاسفة بوجود اي قيمة خلقية ثابتة ومطلقة بل على العكس من ذلك يرون ان الاخلاق نسبية تتغير بتغير ظروف الناس وأحوالهم وتتأثر بمعطيات الواقع وعناصره والخير في زمان معين ليس خيرا بالضرورة في زمان وبيئة اخرى
مسلمات وحجج الاطروحة: وذلك لأن الاخلاق في نظر اصحاب هذا الاتجاه الواقعي التجريبي ليست قيم مفارقة للواقع بل تصدر منه وتتأثر بظروف افراده واحوالهم الشخصية ويرى في ذلك السوفسطائيون ان الإنسان هو مقياس الاخلاق ولكل شخص الحق في تصور الخير كما يراه هو ولاوجود لمفهوم واحد للخير والى نفس الإتجاه تذهب المدرسة الوجودية بزعامة سارتر ان الإنسان يتمتع بعنصري الوعي والحرية وبهذين العنصرين يصنع اخلاقه بمفرده ويقول في ذلك "لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي اقرر الخير واخترع الشر" ويذهب فلاسفة المنفعة امثال بنتام الى ان القيم الخلقية ترتبط بمنافع الفرد ومصالحه الشخصية وبما ان منافع الناس مختلفة ومتغيرة فالقيمة الخلقية اذن تتغير بالضرورة بتغير هذه المنافع فهي نسبية ،ويقول علماء الاجتماع امثال دوركايم الذي يرى ان الاخلاق عادات سلوكية يصنعها افراد المجتمع الواحد لتنظيم شؤون حياتهم وبالتالي تتغير هذه القيم بتغير المجتمعات فإذا كانت المتاجرة في العبيد عملا اخلاقيا خيرا في المجتمع العبودي فهي في المجتمعات المعاصرة سلوك شريرا مستهجنا
النقد:
لاشك ان الغاية من الاخلاق هي توجيه الناس في الواقع لسلوك الخير ونشر الفضيلة ونبذ الشر لكن لا يعني ذلك ان تصبح الأخلاق استجابة لأهواء الناس ورغباتهم اذ لا يمكن ان يرتبط الخير والشر بأنانية الأفراد ومصالحهم المتغيرة ولو ربطنا الأخلاق بهذه الإعتبارات الذاتية لما وجدنا اية قيمة خلقية نتفق عليها وانزال الاخلاق لهذا الواقع المتغير واخضاعها له يفقدها قدسيتها وروحانيتها
التركيب:
لذلك كله لا يمكن القول ان الاخلاق قيم نسبية متغيرة بتغير اهواء الناس وارادتهم كما ذهب الى ذلك اصحاب الإتجاه الواقع التجريبي ولا يمكن القول ايضا انها قيم مثالية مجردة عن واقع الإنسان بل ان القيم الخلقية تتروح بين ماهو نسبي وماهو مطلق فالأخلاق من حيث كونها قيم تسترشد بها الانسانية وتستهدي بها هي قيم ثابتة ومبادئ راسخة في ضمير الانسانية عبر الزمان والمكان فأداء الأمانة واعانة المضلوم والضعيف والشجاعة والوفاء بالعهد والصدق في المعاملات كلها قيم اخلاقية راقية وخيرة تمتدحها الإنسانية وتستحسنها ،والغدر والظلم وقتل النفس البريئة والغش والتزوير في المعاملات كلها سلوكات شريرة تستهجنها الإنسانية جمعاء وتذمها ،ولكن حينما يقترب الضمير الإنساني من هذه القيم ويجسدها في واقعه الإجتماعي والسلوكي تصبح قيما نسبية لان الناس في تعاملهم مع هذه الأخلاق يتأثرون بظروفهم وامكانياتهم والثقافة التي يتشبعون بها فإذا كان الجميع يؤمنون بأن اداء الامانة او اكرام الضيف او تقوى الله قيم خير فإنهم يتفاوتون في مدى الإرتباط بهذه القيم وتجسيدها في الواقع
حل المشكلة: 
نستنتج من كل ماسبق اذن ان القيمة الخلقية هي في موقع الوسط بينما هو مطلق ثابت وماهو نسبي متغير بتغير الظروف والأحوال
همنا الوحيد هو نجاحكم في شهادة البكالوريا

المقالة الثانية المرشحة لهذا العام

                        مقالة الانظمة السياسية

تعليقات